عمر الأمة الإسلامية
روى البخاري في صحيحه بسنده عن عبدالله بن عُمر أنه سمع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول : "إنما بقاؤُكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ، أوتى أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهارُ عجزوا فأعُطوا قيراطاً قيراطا . ثم أوتى أهل الإنجيلِ الإنجيلَ فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا فأعُطوا قيراطاً قيراطا . ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين . فقال أهل الكتاب : أيْ ربنا أعطيت هؤلاءِ قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطا ونحن كنا أكثر عملاً . قال : قال الله عَزَّ وجل : هل ظلمتكُم من أجرِكم من شيء ؟ قالوا : لا . قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء" (رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه : في كتاب مواقيت الصلاة ، وكتاب الإجارة ، وكتاب أحاديث الأنبياء ، وكتاب فضائل القرآن ، وكتاب التوحيد بأسانيد مختلفة) .
روى البخاري أيضا في صحيحه عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي–صلى الله عليه وسلم- : "مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل فعملوا إلى نصف النهار ، فقالوا : لا حاجة لنا إلى أجرك ، فاستأجر آخرين فقال : أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت . فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا : لك ما عملنا . فاستأجَر قوماً فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين (رواه البخاري أيضا في عدة مواضع من صحيحه : في كتاب مواقيت الصلاة ، وكتاب الإجارة)
هذا مبحث نفيس قد يخفى على كثير من الناس. ونحن لم نأت فيه بجديد إلا أننا استخرجنا كنزه من باطن أمهات الكتب فنفضنا عنه التراب وعرضناه في صورته الأصلية نقيا زاهرا لاخفاء فيه ولا غبار عليه. ورحم الله علماءنا الأعلام الذين تركوا لنا ميراثا هائلا من فقه سنة نبينا صلى الله عليه وسلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد الذي ما ترك شيئا في الأرض ولا في السماء ولا طائر يطير بجناحيه إلا وأبان لنا منه علما.
قال الحافظ ابن حجر في كتابه القيم فتح الباري – تعليقا على أحاديث عمر الأمم – ما نصه : ( واستُِدلّ به – أي الحديث المذكور – على أن بقاء هذه الأمة (أمة الإسلام) يزيد على الألف لأنه يقتضي أن مدة اليهود نظير مدتي النصارى والمسلمين، وقد اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر من ألفي سنة، ومدة النصارى من ذلك ستمائة )
وقال أيضا : ( وتضمن الحديث الإشارة إلى قصر المدة التي بقيت من الدنيا ) .
ومن الإجمال إلى تفصيل أكثر لكلام ابن حجر السابق نقول : أن كلامه قد تضمن جملاً :
1- إن مدة عمر اليهود نظير(تساوي) مدتي عمر النصارى والمسلمين مجتمعة. أي أن مدة عمر اليهود = مدة عمر المسلمين + مدة عمرالنصارى.
2- إن مدة عمر النصارى هي ستمائة سنة وقد جاء بذلك أثر صحيح رواه البخاري في صحيحه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : ( فترة ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة ) . (صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار) .
ومما سبق يمكننا أن نقول إن :
مدة عمر المسلمين = مدة عمر اليهود مطروحا منها مدة عمر النصارى.
وحيث إن مدة عمر اليهود والنصارى تزيد على ألفي سنة ومدة عمر النصارى هي ستمائة سنة إذن بالطرح الجبري يكون:
عمر أمة اليهود = 2000 – 600 = 1400 سنة تزيد قليلا.
وذكر أهل النقل وكتب التاريخ العام أن هذه الزيادة تزيد عن المئة سنة قليلا.
إذاً : عمر أمة اليهود = 1500 سنة تزيد قليلا
وحيث إن عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود – عمر أمة النصارى
إذاً : عمر أمة الإسلام = 1500 – 600 = 900 سنة تزيد قليلا + 500 سنة (جاء ذلك في حديث سعد بن أبي وقاص يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم : قيل لسعد : كم نصف يوم ؟ قال : خمسمائة سنة) . حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والحاكم وأبو نعيم في الحلية
إذاً : عمر أمة الإسلام = 1400 سنة تزيد قليلا
وذكر أهل النقل وكتب التاريخ العام أن هذه الزيادة تزيد عن المئة سنة قليلا
اللهم أحينا مسلمين وأمتنا على الإسلام يا رب العالمي
اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير ضالين ولا مضلين
اللهم إنا نشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت نستغفرك و نتوب اليك